الطريقة المكاشفية

النصائح الرحمانية الطريقة المكاشفية

النصيحة الأولى :

الحمد لله ذي الطول الصميم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد وعلى آله و أصحابه ذوي القدر الشميم و بعد : فمن المتصل بأعذاره إلى عالم جهره و أسراره عبد الباقي عمر أحمد المكاشفي : فإلى كافة عباد الله المؤمنيـن الذين يقبلون النصيحة و خصوصاً من إنتسب إلى طريق القوم الذين هم خالين عن اللوم من مريديـن و مقاديم و مشايخ ، أيها الأخوة إنني لست بأفضل منكم بل غبار حذائكم و لا أذكي نفسي و لكن ينبغي لمدير الكأس أن ينهى الجلاس عن التكالب على الدنيا لأنها من شؤون الطائفة الجنيدية التي هي صفة من كنه الاخيار تدثرت حلل الأنـوار و صحت معاملتها مع مولاها فكشف لها واقع الأنوار و أراها ما أراها ، و صارت مقبلة عليه و نبذوا الدنيـا وراء ظهورهم

و عملوا لتويع قبورهم بالعمل الخالص ، فكيف بنا و قد صار تعبنا إلى بطوننا و القلـوب إشرأبت عليهــا سحائب الران و مع ذلك تعلمون علماً محيطاً أن الدنيا كسراب يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً . و أنها لم تزن عند الله جناح بعوضه ، و قد ذمها الله تعالى : ( ما الحياة إلا لعب و لهو ) . و مـــع ذلك ضمن لنا الرزق و لم يضمن لنا الجنة ، قال تعالى : ( فورب السماء و الأرض إنه لحق مثلما أنتم تنطقون ) . و قد علم لديكم أن الإنسان إذا ركب الريح لركب الرزق البرق و لحقه و قد قسمه الله على ثلاثة أقسام : قسم لأعدائه يتمتعون بـــه ، و قسم للمتقين يتزينون به ، و قسم للمؤمنين يتزودون به ، فما لكم إلا الزاد فهيا بنا إلى عمل الآخرة ، فإن الدنيا عن قريب تمسي بنا مسافرة ..

فما لي أراكم معرضين عن دار الكرامة و مقبلين على دار المصائب و الندامة . ( كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون ) هيهات بين دار المتقين مع دار الظالمين . فينبغي لنا أن نجعل همنا في الله عسى و لعل أن يكفينـــا سائر الهموم و أن يجعل القناعة شعارنا و دثارنا لأنه من تمسك بها سما إلى ذروة المجد و قال تعالى مادحاً القناعــة : ( من عمل عملاً صالحاً من ذكر أو أنثى و هو مؤمن فلنحييه حياة طيبة ) . و قد أجمع المفسرون أنها القناعة ، و في التوراة ( القانع غني و لو كان جائعاً ) . فما دمتم منتسبين إلى هذا المقام فلا تدنسوا دينكم بنيران الحطام و إياكــم و التواضع لأبناء الدنيا ،

و قد ورد أنه من تواضع لغني ذهب ثلثي دينه ، و أنهاكم عن الكذب و الغيبة و النميمة و شهادة الزور و قذف المحصنات و النظر إلى المحارم ، فإنه من ملأ عينه من محرم ملأها الله من حميم جهنم و العيــاذ بالله . و أحذركم من اللغو و الجدال و الإشمئزاز و الكبر و البطر و الخلابة و البخل و كلما ينهى الشرع عنه . و أحثكم على تقوى الله و الشفقة على خلقه و خفض الجناح و لين الجانب و توقير الكبير و إبتداء السلام و التوسط في كل أمـــر ، و الرضى بما أراد الله و الوقوف عن كل ما نهى عنه و خصوصاً مخالطة النساء ، و عليكم بالتأثير فإن القوم كان دأبهم التأثير ، و عليكم بالجار و لو ذمي فتحملوا أذيته . و إياكم و الوقوف على أبواب السلاطين و التطلب منهم و لا تشكـو أمراً لغير الله قط فإن الله يوكل العبد إلى نفسه ما دام يشتكي لغيره ، و حسنوا ظنكم في الله . و عليكم بالنوافل مــن صلاة الليل و الإستغفار و لو ألفاً ، و قد ورد أن من إستغفر سبعين مرة كتب من المستغفريـن بالأسحار ، و الصلاة الأنسية و التهليل و ليكن دأبكم الحديث : ( من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة ) .

والدكم

عبد الباقي عمر أحمد المكاشفي

=======

النصيحة الثانية :

الحمد لله الذي حمد ذاته بذاته ، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم ، معدن سره و هباتــه ، و رضي الله تعالى عن صحابته الأكرمين الذين قاموا بأعباء الدين و أسسوا دعائمه و تحملوا مشقاته ، و على الأئمة التابعين المهديين الصوفية الصلحاء ، العلماء و العاملين لوجه رب العالمين فأقول و أنا الفقير العبد المفتقر إلى الله عبد الباقي عمر أحمد المكاشفي : أما بعد ، فإلى كافة عموم المشايخ و المقاديم و المريدين الصادقين إعلموا أن النبــي صلى الله عليه و سلم قال : ( الدين النصيحة ) فقالوا لمن يا رسول الله ؟ قال 🙁 لله و لرسوله و لجماعة المسلمين ) .

و عليه أوصيكم بتقوى الله و إتباع السنة و ملازمة الأذكار و الأكل من الحلال و أخدموا لدينكم و لا تكلفــوا الناس . و إعلموا يقيناً أننا عبيد الله تجمعنا الطاعة و تفرقنا المعصية ، و عليكم بملازمة الأوراد و العزلة و الجوع فإن ( البطنة تذهب الفطنة ) ، و إياكم و المزاح فإنه بذرة العداوة و إستعينوا بالصبر و الصلاة في كلا الحالتين الشدة و الرخـاء و عليكم بمساواة الأخوان و حسن المعاملة مع الجار ، و إكرام الضيف و الحب و البغض في الله و عليكم بترك الحقد و الحسد فإنهما يأكلان الحسنات كما تأكل النار الحطب ، و أوصيكم بالزهد و الورع و ترك الغيبة و النميمة ، و إياكم و سفاسف الأمور و عليكم بالعفاف تكونوا عراف و إجتنبوا مخالطة النساء فإنهن حبال الشيطان و شركه الذي لا يخطئ و قد جاء : ( ما خلا رجل و إمرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ) .

و قال صلى الله عليه و سلم : ( عفوا عن نساء الغير تعف نسائكم ) . و قال : ( أن المؤمنين كالبنيان المرصوص يشد بعضه البعض ). و قد جاء أيضاً : ( إن المؤمن مرآة أخيه ) . فسيروا بسير سلفكم الصالحين و أوليائكم الناصحين و أعلموا أن أصل الطريق الأدب و التواضع و الإنكسار لله لا لعلة أخرى و متى خلا المريد و الشيخ و المقدم من الأدب فإنه من الصواب بمعزل . و كونوا رحماء بينكم فليكرم صغيركم كبيركم ، و ليرحم قويكم ضعيفكم ، و غنيكم فقيركم ، فإن الراحمون في الارض يرحمهم الرحمـن ، و على المريدين الصادقين أن يتأدبوا مع الله بترك محارمه و مع الرسول بإتباع سنته ( قـل إن كنتم تحبوني فإتبعوني يحببكم الله ) . و مع المقايم و المشايخ فيما يأمرونهم به من الخدمة و آداب الطريق ، فإن خدمـة الأخوان أصل في طريق الرحمن ، و عليكم بالصبر و الزكاة و الصيام و الحج إن إستطعتم إليه سبيلاً . و عليكم بجهاد النفس لأنه الجهاد الاكبر ، و أوصيكم أحبابي فأدفنوا وجودكم تنبتوا نباتاً حسناً ، و متى خلا المريد من الأدب لا يشـــم رائحة الطريق ،

فحسنوا ظواهركم بالأدب و بواطنكم بالتقوى . و تزودوا إن خير الزاد التقوى ، و أوصيكم بصلة الأرحام فإنها منعمة في الأجل و الزموا بر الوالدين ، و إتقوا الله في النساء فإنهن ودائع الله عندكم . قال صلى الله عليه و سلم : ( أكثركـم إيماناً أكثركم إحساناً إلى أهله . و أعلموا فإن المريد بلا أدب كالنبات بلا ثمر ، طالما ذكرتكم فلم تنفع الذكرى ، قال تعالى : ( فذكر إن الذكرى تنفع المؤمنين ) ، و كثيراً ما قلت فلم أرى لقولي أثراً و لا لنصحي متحصلاً . قال تعالى : ( و تعيها أذن واعية ) . و فيم التهاون بأمر الله و رسوله ، و التكالب على الدنيا و حب الراحة و عن قريب يصير الواحد منكم تراباً و الديار خراباً . و أوصيكم بالسمع و الطاعة لولاة الأمر منكم ، و أداء ما لهم عليكم و أرجو أن تصغوا لقولي و تعملوا بنصحي حتى أرى لها أثراً و نتيجة تحمد عاقبتها ، فإنني ابرأ من حوالي و قوتي و أعتصم بحول الله و قوته و أسأله العفو و المغفرة و أسأله أن يكون آخر دعواي الحمد لله رب العالمين .

والدكم

عبد الباقي عمر أحمد المكاشفي

=======

النصيحة الثالثة :

الحمد لله الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد النبي الأواه و على آله و صحبه و من والاه . أما بعد : فيا أيها الإخوان و المشايخ و المقاديم و المريدين أحبابي بعد السلام عليكم و رحمة الله و بركاته لديكم .. أوصيكم بتقوى الله تعالى فهي باب السعادة و مفتاح الوصول إلى الله عز و جل و هي أن تفعلوا ما أمر الله به ، و تجتنبوا ما نهى عنه ، أما الذي آمركم فالقيام بالصلوات الخمسة في أوقاتها بشروطها و آدابها و دفع الزكاة للفقراء و المساكين و هي قرينة الصلاة و من لم يعطي الزكاة لم تقبل صلاته ، و في المواشي و النقود بمرور الحول و في سائر الحبوب يوم حصادها ، و الحج للمستطيع القادر و كذلك صيام شهر رمضان ،

هذا ما أمر الله به و أما ما نهى عنه فترك الصلاة و منع الزكاة و شرب الخمر و الربا و قذف المحصنات و إيذاء المسلمين باليد أو باللسان و غير ذلك ، فذلك ما أوصيكم به ، فبتقوى الله فاز من فاز و بتركها هلك من هلك ، و لكم عبرة و موعظة بما جرى في الأمم الماضية و القرون الخالية و كل ذلك مذكور في القرآن العظيم ، ثم أوصيكم أحبابي بالأدب ظاهراً و باطناً مع الله و أوليائه و عامة الناس بالتخلق بأخلاق المصطفى صلى الله عليه و سلم . و للمريد آداب خاصة بالطريق من لم يقم بها لم ينل شيئاً ، كالقيام بحق الشيخ و حق الذكر و حق الإخوان و حق العامة ، أما حق الشيخ فطاعته في جميع ما أمر و ترك كل ما نهى عنه ظاهراً و باطناً في الغيب و الحضور إمتثالاً لأمر الله تعالى لأن الشيخ خليفة الله و رسوله في الأرض يتلقى عنهما ما شاء الله و إن كنتم لا تدرون ذلك

فعليكم بحب الشيخ حباً خالصاً لأن حب الشيخ هو الطريق لوصول المدد إلى قلب المريد و إجلاله و توقيره على وجه الكمال . أما القيام بحق الذكر فالطهارة الحسية و المعنوية من الحدث و الخبث و الربا و العجب و الغيبة و سائر العلل القادحة في العمل ، و ينبغي أن يكون الذكر لوجه الله تعالى لا لغرض من الأغراض الدنيوية أو الآخروية ، و على الذاكر أن يلاحظ صورة الشيخ لأنها تطرد الشيطان الرجيم ، و عليه أيضاً أن يتدبر معنى الذكر في ذهنه فمعنى لا إله إلا الله لا معبود بحق إلا الله و أما القيام بحق الإخوان فالمحبة و المباسطة و حسن اللقاء و البشاشة و التأثير بكل شئ و حفظ مقام كل واحد بما منحه الله تعالى ، و في حالة البعد عنكم بإرسال الخطابات بالسلام و الدعاء بظاهر الغيب فإنه مستجاب كما في الحديث

و عليكم بنشر فضائل إخوانكم و ستر عيوبهم و كذلك التهادي فإن الهدية تغرس الود في الصدور ، و التعاون على أسباب العبادات و وجوه الذكر مثل السبحة و الإبريق ، و أما القيام بحق العامة فإفشاء السلام و بذل الطعام و النصيحة و الشفقة و كف الأذى و عدم التكبر و أسباب البغض و الشح ، قال سيدي عبد القادر الكيلاني قدس الله سره : ” ما نلت هذا المقام بصيام أو قيام و لكن نلته بالكرم و التواضع و سلامة الصدر و إحتمال الأذى ” و قال أيضاً أعاد الله علينا من بركاته : ” من وقر كبير المسلمين و رحم صغيرهم يرافقني في الجنة ” . وفقنا الله لجميع الطاعات و عصمنا من المخالفات و عاملنا بحلمه و كرمه ، إنه سميع مجيب الدعوات ، آمين .

والدكم

عبد الباقي عمر أحمد المكاشفي

======

النصيحة الرابعة :

( يا أيها الذين آمنوا إتقوا الله حق تقاته ) ( و اتقوا الله ما إستطعتم ) من قول الحديث من يتكفل لي ما بين لحيتيه و رجليه أتكفل له بالجنة و السنة شاهدها لا يخفى عليكم ، ثم أوصيكم أحبابي بصيام شهر رمضان و إياكم و الرخصة و التي من تبعها رخص ، و أوصيكم بزكاة الفطر خمسة أرطال و ثلث قبل الصلاة ، و أوصيكم بالزكاة لأن الصلاة لا تقبل إلا بعد الزكاة ، و قد يضرب بها وجه صاحبها كالثوب الخرق يوم القيامة ، و قد جاء النص في القرآن الكريم : ( و أقيموا الصلاة و آتوا الزكاة ) ” الحديث : ما من أحد ملك غنماً أو بقراً أو إبلاً و لم يزكيها إلا جاءت يوم القيامة أقواماً في دار الدنيا لها قرون تنطحه بقرونها و تدوسه بأظافرها و هو يستغيث و لا يغاث ، ثم تصير سباعاً و ذئاباً تعاقبه في النار .

و إعلموا أن مانع الزكاة لا يقبل الله منه صرفاً و لا عدلاً و لا حجاً و لا صدقة و لا مواصلة رحم و هو مطرود من رحمة الله سبحانه و تعالى و مانع زكاة الغنم يحمل يوم القيامة شائه و لها رغاء كالرعد و ثقلها يعدل الجبل العظيم و يخوض العرق حتى يدخل نار جهنم و مانع زكاة البقر يجعل الله بقرونها ناراً فتنطحه بقرونها و تدوسه بأظافرها فيندم و لا يفيده الندم ، و يقول يا ليتني لم يكن عندي بقراً ، و مانع زكاة الإبل يجعل الله لها قروناً فتنطحه و تطأه بأخفافها حتى تلصقه على الأرض ، فيقول يا ليتني لم أك بشراً و مانع زكاة الذهب و الفضة فتكوى بها جباهم و جنوبهم و ظهورهم و يطوقون بها في رقابهم بها نار ، و أوصيكم بالجار و اليتيم و مواصلة الأرحام لأن الرحم ينطق يوم القيامة بلسان فصيح و يقول إن فلان قطعني فأدخله في النار ، و فلان وصلني فأدخله الجنة . و أوصيكم بتارك الصلاة لا تأكلوا معه ليناً و لا يابس و لا تزوجوه و لا تقضوا حاجته لأنه أبعد ما يكون من رحمة الله تعالى .

و قال تعالى : ( إنما الخمر و الميسر و الأنصاب و الأزلام رجس من عمل الشيطان فإجتنبوه لعلكم تفلحون ) و قد حلف الله بعزته و جلاله أن شارب الخمر إن لم يتب منها لأسقينه من طينة الخبال و هو عصارة أهل النار من القيح و الصديد ، و إن تاب منها لأسقينه من حظيرة القدس قيل و ما حظيرة القدس ؟ قال أعلى الجنة . و أوصيكم ببر الوالدين فإنه من أعظم القربان ( و قضى ربكم ألا تعبدوا إلا إياه و بالوالدين إحساناً ) . و إعلموا أن بين البار لوالديه و بين الأنبياء في الجنة درجة واحدة ، و بين العاق لوالديه و بين إبليس في النار درجة واحدة لأن حقهما واجب شرعاً ، و من لم يرضيهما لم تنفعه صلاته و صيامه و حجه و عمرته و لا صدقته و لا جهاده حتى يرضيهما و أوصيكم بأولادكم و نسائكم و آمروهن بالصلاة و الصيام و الذكر و قيام الليل و نوافل الخير ، و أحذركم من الغيبة و النميمة و الكذب و شهادة الزور و قذف المحصنات و مجالس السوء و الضلال فإن الطبع يسرق الطبع و العبد لا يدري .

و أحذركم من مجالس السوء لأنها كالكير إن لم يحرقك بناره علق فيك غباره ، و عليكم بمجالس أهل الخير لأنها كالمسك إن لم تنل منه شيئاً عبق فيك رائحته و أوصيكم بالإستغفار في الأسحار و زيارة الصالحين و الإخوان في الله و عيادة المريض و تشييع الجائز و إكرام مداح خير الأنام بالإحترام و الفراش و الطعام و الهدية على حسب ما إستطعتم ، و تفقدوا في الليل و النهار ضعفاؤكم الراحمون يرحمهم الرحمن أرحمو من في الأرض يرحمكم من في السماء ، و أوصيكم بالشفقة على الخلق فإن من بات شبعان و جاره جائع فإنها أكبر محنة ، و أوصيكم آخر المجالس بـ(سبحانك اللهم و بحمدك أشهد ان لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك عملت سوءاً و ظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت . و أوصيكم بالصلاة على النبي في مجالسكم ما من مجلس يصلون فيه على النبي إلا خرجت منه رائحة طيبة تبلغ عنان السماء فيقولون هذا مجلس صلوا فيه على سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم ، و ما من مجلس لا يصلون فيه على النبي صلى الله عليه و سلم إلا تفرقوا على أنتن من جيفة حمار . هذه وصيتي لكم أحبابي و قد نصحتكم و ليس بعد الإنذار من ملام ، و إني لمسؤول عنكم غداً بين يدي الله تعالى فأقول يا إلهي و سيدي قد أعلمتهم و نصحتهم فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر . و بالله التوفيق .

والدكم

عبد الباقي عمر أحمد المكاشفي

=======

النصيحة الخامسة :

الحمد لله له الغني المطلق ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق وعلى آله وصحبه الفائزين بالمقام الأسبق. أما بعد :

فإلى كافة الفقراء وخصوصا المشايخ والمقاديم والمريدين ، أحبابي بعد السلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته ، أوصيكم بتقوى الله تعالى ، وأحذركم عن المعاصي وأحثكم على صلاة الجماعة والراتب صباحاً ومساء ، والعدد في السحر والصمت والعزلة وترك الغيبة والنميمة وعدم التواضع للأغنياء وأولياء الذوات ، وقال صلى الله عليه وسلم : ” من تواضع لغني ذهب ثلثا دينه ” ، وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: لأن أقع من فوق قصر فأتحطم أحب إلى من مجالس الأغنياء ، لأني سمعت رسول الله صلـى الله عليه وسلم يقول : إياكم ومجـالس الموتى ، قيل : وما مجالس الموتى يا رسول الله ؟ قال : الأغنياء ، المراد بهم ميتو القلوب بذكر الدنيا ، ولن يحصل لكم شيء إلا ما كتب الله لكم في الأزل ،

وعنه صلى الله عليه وسلم قال: مفتاح الجنة الجوع ومفتاح النار الشبع ، وعليكم بذكر الله سراً وعلناً ، وإن الغيبة والنميمة مبعدات عن الله ، والنظر إلي محارم الله حرام شرعاً ، وقد حكي عن بعض العارفين قال : إذا رأيتم الرجل لم يقنع بما عنده ، ولم يصبر على ما قسم له الله ، فأعلموا أنه قد هلك في وادي الغضب والبوار ، فما دمتم كذلك وأنتم منتسبون إلى أهل الله فعار عليكم تطلب أبناء الدنيا ، وعليكم بمواخاة أبناء الآخرة ، والتخلق بأخلاقهم والمزاورة في الله ، وإن الأخ إذا جاء إلى أخيه زائر فليكرمه بجرعة ماء أو بليلة ، فمن نبش أخيه بعد هذا فليس له نصيب في الطريق ، لأن هذا طريق الله ورسوله ، وإذا شتمكم أحد فتحملوا أذيته ، وألينوا له القول ، وأميتوا له نفوسكم ،

قال صلى الله عليه وسلم : موتوا قبل أن تموتوا ، وأعلموا أن الموت علي أربعة أقسام : أسود وأبيض وأحمر وأصفر ، فالأسود تحمل أذية الخلق ، والأبيض الجوع ، والأحمر مخالفة النفس عن هواها أي المعصية ، والأصفر الرضا بالكسوة ولو شملة. وبعد هذه الأربعة تقطعوا العقبات ، ويصير عندكم الحلو والمر سواء ، وترتاحوا الراحة الأبدية ، وتذوقوا اللذات السرمدية ، ويحصل لكم الفتوح ، وفقني الله وإياكم على كل خير ، فهذه نصيحتي لجميع المحبين و السلام عليكم .

الفقير لله عز وجل

والدكم عبد الباقي عمر أحمد المكاشفي

=======

النصيحة السادسة :

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أما بعد :

إلى كافة المريدين والمشايخ والمقدمين أوصيكم بالحضور في الذكر وعدم الغفلة ، والتماسك باليدين وإذا دخلتم في الذكر فأدخلوا أربعة لا يزيدون على ذلك ، بإطراق الرؤوس والخشوع لله ، والنساء بعيد عنكم ، وخصوصا الزغاريد لا تكون بل ممنوعة البتة ، الحديث : ” باعدوا بين أنفاس الرجال والنساء .” وإياكم والنظر إليهن ، والذين يريدون أن يجتمعوا معهن ، فعملهم محبوط ، والله جل شأنه لا ينظر إلى عمل أشرك فيه غيره ، فاذكروا الله بصدق يذكركم بفضله ونيله وجزيل عطائه في دار ثوابه .

والدكم

عبد الباقي عمر أحمد المكاشفي

=======

النصيحة السابعة :

الحمد لله الذي جعل لكم من الماء كل شيء حي ، والصلاة والسلام على النبي ، وعلى آله ومن تبعهم بإحسان إلى يوم يطوي السماء طي، أما بعد :

إلى كافة الأحبة أعلموا أن أجر الماء من أعظم الأجور ، وأن ساقي الماء غداً له عند الله منزلة عظيمة ، الحديث : ” تمنى جبريل عليه السلام أن ينزل من السماء ليسقي الماء ويصلح بين المتشاحنين ” ، وورد من سقى الماء كافرا كأنما صام سنة ، ومن سقى مؤمنا كأنما صام سبعين سنة ، وورد من سقى الماء مؤمناً أظله الله في عرشه يوم الحشر يوم لا ظل إلا ظله ، وأن منفق الذهب والفضة لا يساوي ساقي الماء والطعام ، فهيا بنا إلى طريق الرشاد ، وهـيا بنا إلى طريق نيل المراد ، طوبى لمن خلص عمله إلـى الله ، فبشراكم وبشراكم بنص قوله تعالى : (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا) .

والدكم

عبد الباقي عمر أحمد المكاشفي

=======

النصيحة الثامنة :

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم ، أما بعد :

فإلى كافة عباد الله المؤمنين الذين تجب عليهم الزكاة – أحبابي إن الله سبحانه و تعالى يقول في كتابه العزيز ( و أقيموا الصلاة و آتوا الزكاة ) فإن الرجل إذا صلى و لم يؤتي الزكاة فلا صلاة له ، و من صام و لم يؤتي زكاة الفطر فصيامه معلق بين السماء و الأرض و إن مانع الزكاة من الغنم يحمل يوم القيامة شاة على ظهره لها رغاء و ثقل يعدل الجبل العظيم و مانع زكاة البقر تكون أحسن مايرغب من السمن في دار الدنيا فتنطحه بقرونها حتى يقضي الله في الحساب . فيا أيها المغرور أتظن الدنيا دار سرور ؟ بل دار غرور قشور بل دار كدور ، فأوصيكم بتقوى الله و طاعته و القناعة و طاعة الله في السر و في العلن

و ذكر الله لان الذاكرين لهم عند الله شأن عظيم و ذلك في الفضل كالشجرة الخضراء في الشجر اليابس و أوصيكم بالمحبة بعضكم بعضاً و مواصلة الأرحام و أنهاكم عن الغيبة و النميمة و الكذب فإن الرجل يكذب حتى تكتب عند الله كذاباً ، و تحروا الصدق فإن الرجل يصدق حتى يكتب عند الله صادقاً . وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ” تهب ريح على أهل النار فيقولون ما رأينا أشد من هذه الريح فيقال لهم هذه ريح الذين يغتابون الناس في الدار الدنيا ” . و عليكم بإكرام الضيف بحسب مايوجد و لاكلفة – الحديث : ” أنا و أمتي براء من التكلف ) و قد أنصحتكم و الله يسألني عنكم يوم القيامة فأقول يارب أنصحتهم بكتابك و قول رسولك و السلام .

والدكم

عبدالباقي عمر أحمد المكاشفي

=======

النصيحة التاسعة :

الحمد لله المغني لمن إرتجاه و قصد بابه و رفض ما سواه و الصلاة و السلام على سيدنا محمد مصطفاه و من تبعه إلى يوم لقاه ، أما بعد :

فإلى كافة المريدين الذين يرغبون ماعند الله و رسوله أحبابي إن الرزق بيد الله ليس لأحد أن يرزق أحد و ليس لأحد أن يضر أحد و لا أحد ينفع أحد غير الله و من إلتجأ لغير الله فقد خسر خسراناً مبيناً وقد غطى على قلوبكم الران و ضعف منكم الإيمان . الحديث : ” من جعل الدنيا همه شتت الله شمله ” . فمن جعل غناؤه في قلبه أتته الدنيا راضية يريدها و قد سمعت قولاً فظيعاً يشيب منه الوليد و يلين منه الحديد حيث لم يرضى بالقسمة الأزلية و لم يحسن ظنه في رب البرية و مع هذا تدعون المريدين ، و في بعض الكتب بعد ثلاثة أيام إن قال انا جائع فألزموه السوق . و أما تعبكم لأولادكم بالحرام فيتبرؤون منه يوم القيامة .

و يقولون آباؤنا قد أكلونا الحرام فخافوا الله و لقنوه و إكدحوا بأيديكم و في الزبور تحرك بيمينك أعينك . و ما حملني على هذا إلا أنكم لم تعذروا أحداً و لو زائراً فأنتم لستم من الفقراء و ما هكذا حال الفقراء ، قال تعالى : ( الذين أحصروا في سبيل الله لايستطيعون ضرباً في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف ) فيا لها من مزية عظيمة فقد أوضح لكم الحق و الحق أبلج ، و هذه أيام قد سبقت من صبر معنا فيأتيه رزقه و لم يصبر فنحن مصرحين له حيث لم يقبل عذراً – الحديث : ” من إعتذر إلى أخيه و لم يقبل يأتي يوم القيامة على الحوض و لم يقبل الله عذره ” و أستغفر الله لي و لكم و السلام .

كاتبه الفقير إليه جل و علا

عبدالباقي عمر أحمد المكاشفي

زر الذهاب إلى الأعلى