المناجاة الشريفة للإمام أحمد الرفاعي
أبو العلمين أحمد بن علي بن يحيى الحسيني الهاشمي (ت.578هـ)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ..
إلَهِي أَنَا الْعَبْدُ الضَّعِيفُ الذَّلِيلُ الَّذِي قَصَمَتِ الذُّنُوبُ ظَهْرَهُ وَحَيَّرَتِ الْخَطَايَا فِكْرَهُ وَقَلَّ لِضَعْفِهِ عَمَلُهُ وَنَهَبَتْ أَيْدِي الْمَنُونِ أَجَلَهُ .. أَنَا الَّذِي لاَ قُدْرَةَ وَلاَ قُوَّةَ لَهُ وَلاَ حَوْلَ لَهُ وَلاَ عُذْرَ لَهُ ..
إلَهِي مَنْ أَنَا ؟! وَإيشْ أَنَا ؟!
إلَهِي إنْ أَطَعْتُكَ فَبِإرَادَتِكَ ، وَأَنْتَ الْمَحْمُودُ عَلَى مِنَّتِكَ ؛ فَأَنْتَ الْمَنّانُ عَلَيَّ ، وَإنْ عَصَيْتُكَ فَحِلْمُكَ غَرَّنِي ؛ فَلَكَ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ عَلَيَّ ..
إلَهِي لَمْ أَعْصِكَ اجْتِراءً مِنِّي عَلَيْكَ ؛ وَلَكِنْ أَطْمَعَنِي سْتْرُكَ الْجَمِيلُ ، وَعَلِمْتُ أَنَّ الْمَقْدُورَ كائِنٌ ، وَذَلِكَ الَّذِي لاَ مَخْرَجَ مِنْهُ إلاَّ لِمَنْ أَرَدْتَ وَبِرَحْمَتِكَ عَصَمْتَ ، فاجْتَرَأْتُ عَلَى نَفْسِي ، وَهَا أَنَا قَدْ مَدَدْتُ إلَيْكَ كَفَّ النَّدَمِ يَا مَنْ لاَ مَلْجَأَ مِنْهُ إلاَّ إلَيْهِ ؛ فارْحَمْ عَبْداً آبِقاً لَمْ يَجِدْ لِنَفْسِهِ ناصِراً إلاَّ أَنْتَ يَا أَرْحَمَ الرّاحِمِين .
إلَهِي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ نَبِيُّكَ وَحَبِيبُكَ وَعَبْدُكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا اسْتَعَاذَكَ مِنْهُ .
إلَهِي إذَا قَرَّتْ أَعْيُنُ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ دُنْيَاهُمْ فَأَقِرَّ عَيْنِي بِكَ
، وَأَقِرَّ عَيْنِي بِلَذَائِذِ أُنْسِكَ والشَّوْقِ إلَى لِقَائِكَ .
اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ .
إلَهِي أَعُوذُ بِكَ مِنْ بَدَنٍ لاَ يَنْتَصِبُ بَيْنَ يَدَيْكَ ، وَمِنْ قَلْبٍ لاَ يَشْتَاقُ إلَيْكَ
، وَمِنْ عَيْنٍ لاَ تَبْكِي لِأَجْلِكَ .. مَا أَوْحَشَ مَنْ لَمْ تَكُنْ أَنِيسَهُ .. مَا أَضْيَعَ مَنْ لَمْ تَكُنْ دَلِيلَهُ .. مَا أَمْقَتَ مَنْ لَمْ تَكُنْ حَبِيبَهُ .. يَا خَيْرَ مُؤْنِسٍ وَأَنِيسٍ .. يَا خَيْرَ صاحِبٍ وَجَلِيسٍ .. طُوبَى لِمَنِ اكْتَفَى مِنْكَ بِكَ .
اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ يَا حَبِيبَ الْقُلُوبِ .. لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ يَا سُرُورَ الْقُلُوبِ .. لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ يَا مُنَى الْقُلُوبِ .
لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ آلَيْتُ بِكَ عَلَيْكَ أَنْ لاَ تَصْرِفَنِي بِكَ عَنْكَ ، وَلاَ تَحْجُبْنِي بِكَ عَنْكَ
.
إلَهِي لَوْ دَعَوْتَنِي إلَى النّارِ لَأَجَبْتُكَ وافْتَخَرْتُ بِكَ ؛ فَكَيْفَ وَقَدْ دَعَوْتَنِي إلَى نَفْسِكَ ؟!
إلَهِي إنْ قَرَّبْتَنِي مِنْكَ فَمَنِ الَّذِي يُبْعِدُنِي ؟ وَإنْ أَعْزَزْتَنِي بِكَ فَمَنِ الَّذِي يُذِلُّنِي ؟! وَإنْ رَفَعْتَنِي إلَيْكَ فَمَنِ الَّذِي يَضَعُنِي ؟!
إلَهِي مَنْ أَرْهَبُ وَأَنْتَ مَوْلاَيَ ؟! وَمَنْ أَرْجُو وَأَنْتَ مُنَايَ ؟! وَبِمَنْ أَسْتَأْنِسُ وَأَنْتَ جَلِيسِي ؟! فَبِكَ عَلَيْكَ أَنْ تَتَفَضَّلَ بِإتْمَامِ ذَلِكَ يَا نِعْمَ الْمَوْلَى. وَنِعْمَ النَّصِيرُ .
وَصَلِّ وَسَلِّمْ دائِماً أَبَداً عَلَى حَبِيبِكَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ
فِي كُلِّ لَمْحَةٍ وَنَفَسٍ عَدَدَ مَا وَسِعَهُ عِلْمُكَ وَأَحْصَاهُ كِتَابُكَ وَخَطَّهُ قَلَمُكَ وَأَوْجَدَتْهُ قُدْرَتُكَ ، واسْتَجِبْ دُعَانَا وَحَقِّقْ رَجَانَا آمِين .