سيدي علي بن وفا

ثناء سيدى على بن وفا

بسم الله الرحمن الرحيم

يا من توحد بالأحدية فى الأزلية، وتفرد بالوحدانية فى الأبدية، لك سبحانك عز الفردانية، وملك الربوبية، وعظمة الألوهية، والصفات القدسية، أنت سبحانك الواجب الوجود، وخالق الوجود، والواهب الودود، والرب المعبود، أنت أهل الثناء والخير والحمد، والكبرياء والعظمة والتمجيد والمجد، ما حواك مكان، ولا أحاط بك زمان، وأنت كل يوم فى شأن، تضع وترفع، وتعطى وتمنع، قدرتك قاهرة، وأحكامك باهرة، وأنوارك ظاهرة، وصفاتك طاهرة، وأنت مالك الدنيا والآخرة، ما عليك حجر، وحكمك عدل، وإحسانك فضل، لا إله الا أنت، ما أجل وصفك! وأبدع فعلك! وأشرف ذاتك! تعاليت عن الشبيه والنظير، والمشير والوزير، سبحانك يا كبير، سبحانك يا قدير، سبحانك سبحانك، سبحانك ما أعظم شأنك! سبحانك من حيث أنت بما أنت على ما أنت! وسبحانك من حيث سبحك المسبحون، وقدسك المقدسون! وسبحانك من حيث لاعبارة تدل عليك، ولا إشارة تصل إليك.

أنت الذى سبحانك عجز عن إدراك كنه حقيقته العالمون والعارفون، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، ما قدر قدرك غيرك، ما علمك سواك، ولا مجدك حقيقة إلا أنت، لا إله إلا أنت بما أنت على ما أنت، لا يكيفك فكر، ولا يعلمك علم، ولا يلحقك وهم، وليس لك كم ولا كيف، ولا ظرف ولا أين، ولا جهة تسامتها الجهات، ولا جسم ولا حس، ولا قبل ولا بعد، باينت كل الخلق بوصفك القديم، أنت الواجب وسواك الجائز، استحال عليك النقص، وثبت لك الكمال والجلال، والجمال والبهاء والعظمة، والتقديس والتنزيه، والأحدية والوحدانية، والفردانية والصمدانية والديمومية، والجبروت والرحموت، والرغبوت والرهبوت «1» والملك والملكوت، استويت على العرش سبحانك استواء يليق بكمال التنزيه بلا قرار ولا مماسة ولا تشبيه، وتنزلت بلا حركة ولا انتقال، تعاليت عن ذلك كله يا متعال.

سبحانك، اختفيت وأنت الظاهر، وظهرت وأنت الباطن، قبل كل شىء، وبعد كل شىء، وفى كل شىء، ومع كل شىء، أحاطت أسماؤك بكل حقائق الوجود من جواهر وأعراض وأحوال، وعقول وأرواح ووسائط، ومركبات وبسائط، غيبت علم ذلك عن علم كل عالم كان أو يكون، وتجليت بصفاتك، فعلمتنا تنزيه سرك المصون، وأبدعت بدائع الحكم بأفعالك المنزهة عن الشريك فى كل الشئون، سبحانك ما أسمى أسماءك، وما أجل وأعظم مسماك، حجبت سبحانك الذات بالصفات، وسترت الصفات بالأفعال، وأتقنت بدائع الصنع، فأنت الفعال، حكمتك بالغة لا تدركها العقول، كل ذرة منها تغنى المستدل بها عليك، وتوصله إليك، هذا إذا تجليت سبحانك، فى حجاب المظاهر، أما إذا تجليت سبحانك بكنه الذات اضمحلت الأغيار، وأظلمت الأنوار، وانقلبت المعرفة نكرا، والعلم جهلا، والفصاحة لكنة، والوجود عدما.

كان الله ولا شىء معه، وهو الآن على ما عليه كان.

قل هو الله أحد* الله الصمد* لم يلد ولم يولد* ولم يكن له كفوا أحد

قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون

هو الأول والآخر، والظاهر والباطن، وهو بكل شيء عليم

والله من ورائهم محيط* بل هو قرآن مجيد* في لوح محفوظ

هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون* هو الله الخالق البارئ المصور، له الأسماء الحسنى، يسبح له ما في السماوات والأرض، وهو العزيز الحكيم

إلهنا، سبحانك تجليت بوصف الألوهية فتولهت العقول، وانفطرت القلوب «3» ، وهامت الأرواح، وحارت الأسرار، وذلت النفوس.

كل عزيز لسلطان عزك ذليل، وكل جبار متكبر لعظمة عظمتك حقير..

من ناديته إليك أقبل عليك، ومن حجبته عنك حرمته منك، ومن فتحت له باب الوصال لبس خلعة الكمال، ومن لم تسبق له منك المحبة لا ينال من وصلك حبة، فترى سيدى نحن ممن حكمت له السابقة بسعادة العناية فى الأزل، وأغنيته بك عن كل علم وعمل

إلهنا، سبحانك، كم أهدى وصف ربوبيتك لكل مربوب «4» من إحسان، وكم والت نعمة إفضالك من وجود وامتنان، أنت الممد بالمدد- فى الأزل والأبد- بأمداد لا تحصى، ولا يحصرها العد فتستقصى، فتحت أبواب الجود فى كل نواحى الوجود. برحمة عامة لكل موجود، هكذا يكون الكرم والجود يا مولاى يا واحد، يا مولاى يا دائم، يا على يا حكيم.

إلهنا سبحانك فى سابق علمك القديم تعينت ذرات العوالم، وبإرادتك خصصتها، وبقدرتك أبرزتها، وبحكمتك رتبتها، وبأمدادك أمددتها، ولولا ذلك تلاشت، وما دام لها الوجود وعاشت … تجلى فيض إفضالك مدهش، وإسباغ أنواء نوالك منعش , سعد من واجهه فضلك يا كريم، ورحمته رحمتك يا رحيم.

إلهنا سبحانك، فى أم الكتاب كتبت أمر مشيئتك التى لا تتبدل، وحكمت بها حكمك الذى لا يحول ولا يتحول، ثم لطفت فى التقدير، فنعم المولى أنت ونعم النصير.

سبحانك، عدلت فى الحكم، ونفذت المشيئة على وفق العلم القديم من غير شريك لك لا إله إلا أنت سبحانك، إني كنت من الظالمين

إلهنا سبحانك، نور جمال حضرتك القدسية هيم أهل محبتك فى البرية «3» ، وجلال سطوة عظمتك الكبير، خضع له كل كبير وصغير، وشأن ربوبيتك عطل الشئون، وإحاطة علمك أحاطت بما كان وبما يكون، ما خرج شىء عن دائرة إرادتك المحيطة بالكليات والجزئيات، لا إله إلا أنت، رب الأرضين والسماوات.

إلهنا سبحانك، سبحتك النواطق، وقدستك العقول، ومجدتك أنظار الأفكار السليمة، وهاب سنا قدسك الأرواح النورانية المستقيمة، وامتلأت القلوب العارفة بتعظيم جلالك، وغابت الأسرار فى بهاء عظيم جمالك، تجليت سبحانك بالأكوان وللأكوان وفى الأكوان، وقبل الأكوان وبعد الأكوان، ومع ذلك ما حللت فى كون ولا مكان ولا زمان، ولا حل بك حادث يا ديان.

لك سبحانك كمال التنزيه المطلق، والتوحيد من غير إلحاق محقق، جل جناب قدسك عن طارق النقصان، وتعالى مجدك العزيز أن يكون محلا للأكوان، أنت وحدك المليك، ما معك غير ولا شريك.

إلهنا، سبحانك، إرادتك سابقة بما شئت من التقدير على العباد من خير وشر، وسعادة وشقاوة، وهداية وضلالة، وإيمان وكفران، وطاعة وعصيان، وإذا كانت المشيئة- بحكم الإرادة سابقة، فما الحيلة فى التقدير؟

لكن أنت البصير والنصير. يا من لا حجر عليه فى الأكوان، كن لنا أبدا فى العون، بحنانك يا رءوف، بعطفك يا عطوف، يا ربنا، يا مولانا، يا سيدنا، يا سندنا، يا ملاذنا، يا عياذنا، يا ملجأنا، يا منجانا، يا غوثنا، يا عزنا، يا كنزنا، يا فوزنا، يا حرزنا، لا إله إلا أنت، ما لنا سواك، ببابك وقفنا، وبك لك توسلنا، وعلى بساط غناك بسطنا أيدى الفقر والاضطرار، وجئنا بحالة الذلة والانكسار، وأنت الكريم وجابر القلوب، وأنت معطى كل خير ومرغوب.

إلهنا، نسألك، يا من أعطى قبل السؤال، يا من ليس له شبيه ولا مثال، يا من خلق الخلق ليربحوا عليه، يا من دعا أهل ولايته إليه، يا كاشف الكروب، يا علام الغيوب، يا حميد يا مجيد، يا قدير يا مريد، يا سميع يا مجيب، يا رحيم يا قريب، هب لنا ما سألناك وما لم نسأل، يا من على فضله وإحسانه الاعتماد والمعول، بجاه أهل الوجاهة من الأحباب، الذين سبقت لهم السعادة فى أم الكتاب، اكتبنا فى سجل سعادتهم الأبدية، وأشرق علينا من أنوارهم القدسية، وأتحفنا تحفك بين البرية، واكسنا خلع أهل الخصوصية حتى نفوز كفوزهم، ونعز كعزهم، ونرقى معهم إلى حضرات الارتقاء، حيث الشهود واللقاء.

إلهنا، سبحانك، من علينا بتلك المشاهد الربانية، وأنزلنا عندك المنازل العيانية، وخذنا منا ولا تبق فينا لغيرك بقية، طهرنا بطهرك يا طهور، طيبنا بطيبك يا طيب، قدسنا بقدسك يا قدوس، نورنا بنورك يا نور، كملنا بكمال الحضرة، واجعلنا من أهل النضرة والنظرة، عجل لنا خيرك، امنحنا ميرك اجبرنا جبرك، يا جابر الكسير، يا راحم الأسير، يا مغنى الفقير، أنت أنت الغنى، ونحن نحن الفقراء، وكل يعمل على شاكلته إن لم يرحم العبد مولاه فمن يرحمه ويتولاه؟ ضاقت بنا الحيل، لا علم ينفعنا ولا عمل.

يا رحيم يا ودود، يا رحيم يا ودود، نسألك باسمك المخزون المكنون، الطاهر المطهر، المقدس المبارك، الحى القيوم الإجابة والقبول، والعناية والوصول، إلى غاية المأمول، آمين آمين آمين، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، يا مولاى يا واحد، يا مولاى يا دائم، يا على يا حكيم.

زر الذهاب إلى الأعلى