سيدي أبو الحسن الشاذلي

حزب الشكوى للإمام الشاذلي

الإمام أبو الحسن الشاذلي : عليّ بن عبد الله بن عبد الجبار (ت. 656هـ)

بسم الله الرحمن الرحيم

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ حَمْداً كَثِيراً مُبَارَكاً كَمَا يُحِبُّ رَبُّنا وَيَرْضَى .. السَّلاَمُ عَليْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ .. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إبْرَاهِيمَ ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ كَمَا بارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا إبْرَاهِيمَ ؛ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ .. رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيم  .

اللَّهُمَّ إنِّي أَشْكُو إلَيْكَ ضَعْفَ قُوَّتِي وَقِلَّةَ حِيلَتِي وَهَوَانِي عَلَى الْمَخْلُوقِينَ .. أَنْتَ رَبُّ الْمُسْتَضْعَفِينَ ، وَأَنْتَ رَبِّي .. إلَى مَنْ تَكِلُنِي ؟ إلَى عَدُوٍّ بَعِيدٍ يَتَجَهَّمُنِي ؟ أَوْ إلَى صَدِيقٍ قَرِيبٍ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي ؟ إنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ عَلَيَّ غَضَبٌ فَلاَ أُبَالِي ، وَلَكِنْ عافِيَتُكَ أَوْسَعُ لِي .. أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ بِهِ الظُّلُمَاتُ وصَلَحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدُّنْيَا والآخِرَةِ مِنْ أَنْ يَنْزِلَ بِي غَضَبُكَ أَوْ يَحِلَّ عَلَيَّ سَخَطُكَ .. لَكَ الْعُتْبَى حَتَّى تَرْضَى ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِكَ .

رَبِّ أَشْكُو إلَيْكَ تَلَوُّنَ أَحْوَالِي وَتَوَقُّفَ سُؤَالِي .. يَا مَنْ تَعَلَّقَتْ بِلَطِيفِ كَرَمِهِ عَوَائِدُ آمَالِي .. يَا مَنْ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ خَفيُّ حالِي .. يَا مَنْ يَعْلَمُ عاقِبَةَ أَمْرِي وَمَآلِي .. رَبِّ إنَّ ناصِيَتِي بِيَدِكَ ، وَأُمُورِي كُلَّهَا تَرْجِعُ إلَيْكَ ، وَأَحْوَالِي لاَ تَخْفَى عَلَيْكَ ، وَآلاَمِي وَأَحْزَانِي وَهُمُومِي مَعْلُومَةٌ لَدَيْكَ .. رَبِّ إنِّي قَدْ جَلَّ مُصَابِي وَعَظُمَ اكْتِئَابِي وَتَصَرَّمَ شَبَابِي وَتَكَدَّرَ عَلَيَّ رائِقُ شَرَابِي واجْتَمَعَتْ عَلَيَّ هُمُومِي وَأَوْصَابِي وَتَأَخَّرَ عَنِّي تَعْجِيلُ مَطْلَبِي وَتَنْجِيزُ أَعْتَابِي .. يَا مَنْ إلَيْهِ مَرْجِعِي وَمَآبِي .. يَا مَنْ يَعْلَمُ سِرِّي وَعَلاَنِيَةَ خِطَابي وَيَعْلَمُ مَا عِلَّةُ أَلَمِي وَحَقِيقَةُ مَا بِي .. قَدْ عَجَزَتْ قُدْرَتِي وَقَلَّتْ حِيلَتِي وَضَعُفَتْ قُوَتِي وَتَاهَتْ فِكْرَتِي واتَّسَعَتْ قَضِيَّتِي وَسَاءَتْ حالَتِي وَبَعُدَتْ أُمْنِيَتِي وَعَظُمَتْ حَسْرَتِي وَتَصَاعَدَتْ زَفْرَتِي وَفَضَحَ مَكْنُونَ سِرِّي إسْبَالُ دَمْعَتِي ، وَأَنْتَ مَلْجَئِي وَوَسِيلَتِي ، وَإلَيْكَ أَرْفَعُ بَثِّي وَشِكَايَتِي ، وَأَرْجُوكَ لِدَفْعِ عِلَّتِي .. يَا مَنْ يَعْلَمُ سِرِّي وَعَلاَنِيَتِي .

اللَّهُمَّ بابُكَ مَفْتُوحٌ لِلسّائِلِ ، وَفَضْلُكَ مَبْذُولٌ لِلنّائِلِ ، وَإلَيْكَ مُنْتَهَى الشَّكْوَى وَغَايَةُ الْوَسَائِلِ .. اللَّهُمَّ ارْحَمْ دَمْعِيَ السّائِلَ وَجِسْمِيَ النّاحِلَ وَحَالِيَ الْحَائِلَ وسَنَدِيَ الْمَائِلَ .. يَا مَنْ إلَيْهِ تُرْفَعُ الشَّكْوَى .. يَا عالِمَ السِّرَّ والنَّجْوَى .. يَا مَنْ يَسْمَعُ وَيَرَى وَهُوَ بِالْمَنْظَرِ الْأَعْلَى .. يَا رَبَّ الأَرْضِ والسَّمَاءِ .. يَا مَنْ لَهُ الأَسْماءُ الْحُسْنَى .. يَا صاحِبَ الدَّوَامِ والْبَقَاءِ .

رَبِّ عَبْدُكَ قَدْ ضاقَتْ بِهِ الْأَسْبَابُ ، وَغُلِّقَتْ دُونَهُ الْأَبْوَابُ ، وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ سُلُوكُ طَرِيقِ الصَّوَابِ ، وَدَارَ بِهِ الْهَمُّ والْغَمُّ والاِكْتِئَابُ ، وَقَضَى عُمُرَهُ وَلَمْ يُفتَحْ لَهْ إلَى فَسِيحِ تِلْكَ الْحَضَراتِ مَنَاهِلُ الصَّفْوِ والرّاحَاتِ بابٌ ، وانْصَرَمَتْ أَيّامُهُ والنَّفْسُ راتِعَةٌ فِي مَيَادِينِ الْغَفْلَةِ وَدَنِيءِ الاِكْتِسَابِ ، وَأَنْتَ الْمَرْجُو لِكَشْفِ هَذَا الْمُصَابِ .. يَا مَنْ إذَا دُعِيَ أَجَابَ .. يَا سَرِيعَ الْحِسَابِ .. يَا رَبَّ الْأَرْبَابِ .. يَا عَظِيمَ الْجَنَابِ .

رَبِّ لاَ تَحْجُبْ دَعْوَتِي ، وَلاَ تَرُدَّ مَسْأَلَتِي ، وَلاَ تَدَعْنِي بِحَسْرَتِي ، وَلاَ تَكِلْنِي إلَى حَوْلِي وَقُوَّتِي ، وارْحَمْ عَجْزِي وَفَاقَتِي ؛ فَقَدْ ضاقَ صَدْرِي وَتَاهَ فِكْرِي وانْصَرَمَ عُمُرِي ، وَقَدْ تَحَيَّرْتُ فِي أَمْرِي ، وَأَنْتَ الْعَالِمُ بِسِرِّي وَجَهْرِي ، الْمَالِكُ لِنَفْعِي وَضُرِّي ، الْقَادِرُ عَلَى تَفْرِيجِ كَرْبِي وَتَيْسِيرِ عُسْرِي .. رَبِّ ارْحَمْ مَنْ عَظُمَ مَرَضُهُ وَعَزَّ شِفَاؤُهُ وَكَثُرَ داؤُهُ وَقَلَّ دَوَاؤُهُ ، وَأَنْتَ مَلْجَأُهُ وَرَجَاؤُهُ وَعَوْنُهُ وَشِفَاؤُهُ .. يَا مَنْ غَمَرَ الْعِبَادَ فَضْلُهُ وَعَطَاؤُهُ ، وَوَسِعَ الْبَرِيَّةَ جُودُهُ وَنَعْمَاؤُهُ .. هَا أَنَا ذَا عَبْدُكَ مُحْتَاجٌ إلَى مَا عِنْدَكَ ، فَقِيرٌ أَنْتَظِرُ جُودَكَ وَنِعَمَكَ وَرِفْدَكَ ، مُذْنِبٌ أَسْأَلُ مِنْكَ الْغُفْرَانَ ، جانٍ خائِفٌ أَطْلُبُ مِنْكَ الصَّفْحَ والْأَمَانَ ، مُسِيءٌ عاصٍ ؛ فَعَسَى تَوْبَةً تَجْلُو بِأَنْوارِهَا ظُلُمَاتِ الإسَاءَةِ والْعِصْيَانِ ، سائِلٌ باسِطٌ يَدَ الْفَاقَةِ الْكُلِّيَّةِ يَسْأَلُ مِنْكَ الْجُودَ والإحْسَانَ ، مَسْجُونٌ مُقَيَّدٌ ؛ فَعَسَى يُفَكُّ قَيْدُهُ وَيُطْلَقُ مِنْ سِجْنِ حِجَابِهِ إلَى فَسِيحِ حَضَرَاتِ الشُّهُودِ والْعِيَانِ ، جائِعٌ عارٍ ؛ فَعَسَى أَنْ يُطَعَمَ مِنْ ثَمَرَاتِ التَّقْرِيبِ وَيُكْسَى مِنْ حُلَلِ الأَمَانِ ، ظَمْآنُ ظَمْآنُ ظَمْآنُ تَتَأَجَّجُ فِي أَحْشَائِهِ لَهِيبُ النِّيرَانِ ؛ فَعَسَى يَبْرُدُ عَنْهُ نارُ الْكَرْبِ وَيُسْقَى مِنْ شَرَابِ الْحُبِّ وَيَكْرَعُ مِنْ كاسَاتِ الْقُرْبِ وَيَذْهَبُ عَنْهُ الْبُؤْسُ والآلاَمُ والأَحْزَانُ وَيَنْعَمُ بَعْدَ بُؤْسِهِ وَأَلَمِهِ وَيُشْفَى مِنْ بَعْدِ مَرَضِهِ حِينَ كانَ مَا كانَ ، ناءٍ غَرِيبٌ مُصَابٌ قَدْ بَعُدَ عَنِ الأَهْلِ والأَوْطَانِ ؛ فَعَسَى أَنْ يَذْهَبَ عَنْهُ صَدَأُ الْقَلْبِ والشَّقَا وَيَعُودَ لَهُ الْقُرْبُ واللِّقَا وَيَبْدُوَ لَهُ سَلْعٌ والنَّقَا وَيَلُوحَ لَهُ الأَثْلُ والْبَانُ وَيَنَالَهُ اللُّطْفُ والظُّرْفُ وَيَحْظَى بِجَمِيلِ التَّرَفِ وَتَحِلَّ عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ والرِّضْوَانُ والْغُفْرَانُ .

يَا رَبِّ يَا رَبِّ يَا رَبِّ ارْحَمْ مَنْ ضاقَتْ عَلَيْهِ الْأَكْوَانُ وَلَمْ يُؤْنِسْهُ الثَّقَلاَنِ ، وَقَدْ أَصْبَحَ مُولَعاً حَيْرَانَ ، وَأَمْسَى غَرِيباً وَلَوْ كانَ بَيْنَ الأَهْلِ والأَوْطَانِ ، مُزْعَجاً لاَ يُؤْوِيهِ مَكَانٌ وَلاَ يُلْهِيهِ عَنْ بَثِّهِ وَحُزْنِهِ تَغيُّرُ الْأَزْمَانِ ، مُسْتَوْحِشاً لاَ يُؤْنِسُ قَلْبَهُ إنْسٌ وَلاَ جانٌّ .. يَا مَنْ لاَ يَسْكُنُ قَلْبٌ إلاَّ بِقُرْبِهِ وَأَنْوَارِه ، وَلاَ يَحْيَا عَبْدٌ إلاَّ بِلُطْفِهِ واعْتِزَازِهِ ، وَلاَ يَبْقَى وُجُودٌ إلاَّ بِإمْدَادِهِ وَإظْهَارِهِ .. يَا مَنْ آنَسَ عِبَادَهُ الْأَبْرَارَ وَأَوْلِيَاءَهُ الْمُقَرَّبِينَ الْأَخْيَارَ بِمُنَاجَاتِهِ وَأَسْرَارِهِ .. يَا مَنْ أَمَاتَ وَأَحْيَا وَأَقْصَى وَأَدْنَى وَأَسْعَدَ وَأَشْقَى وَأَضَلَّ وَهَدَى وَأَفْقَرَ وَأَغْنَى وَعَافَى وَأَبْلَى وَقَدَّرَ وَقَضَى ؛ كُلٌّ بِعَظِيمِ تَدْبْيرِهِ وَسَابِقِ تَقْدِيرِهِ .

رَبِّ أَيُّ بابٍ يُقْصَدُ غَيْرُ بابِكَ ؟! وَأَيُّ جَنَابٍ يُتَوَجَّهُ إلَيْهِ غَيْرُ جَنَابِكَ ؟! أَنْتَ الْعَلِيمُ الْعَظِيمُ الَّذِي لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِكَ .. رَبِّ لِمَنْ أَقْصِدُ وَأَنْتَ الْمَقْصُودُ ؟! وَإلَى مَنْ أَتَوَجَّهُ وَأَنْتَ الْحَقُّ الْمَوْجُودُ ؟! وَمَنْ ذَا الَّذِي أَسْأَلُ وَأَنْتَ الرَّبُّ الْمَعْبُودُ ؟! وَهَلْ فِي الْوُجُودِ رَبٌّ سِوَاكَ فَيُدْعَى ؟! أَمْ فِي الْمَمْلَكَةِ إلَهٌ غَيْرُكَ فَيُرْجَى ؟! أَمْ هَلْ كَرِيمٌ غَيْرُكَ فَيُطْلَبَ مِنْهُ الْعَطَا ؟! أَمْ هَلْ ثَمَّ جَوَادٌ سِوَاكَ فَيُسْأَلَ مِنْهُ الْفَضْلُ والنِّعَمُ ؟ أَمْ هَلْ حاكِمٌ غَيْرُكَ فَتُرْفَعَ إلَيْهِ الشَّكْوَى ؟! أَمْ هَلْ مِنْ مَجَالٍ لِلْعَبْدِ الْفَقِيرِ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ ؟! أَمْ هَلْ سِوَاكَ رَبٌّ تُبْسَطُ الأَكُفُّ وَتُرْفَعُ الْحَاجَاتُ إلَيْهِ ؟! فَلَيْسَ إلاَّ كَرَمُكَ وَجُودُكَ يَا مَنْ لاَ مَلْجَأَ مِنْهُ إلاَّ إلَيْهِ .. يَا مَنْ يُجِيرُ وَلاَ يُجَارُ عَلْيِه .. أَلْهَمْتَنَا فَعَلِمْنَا ، وَفَهَّمْتَنَا فَفَهِمْنَا ، وَعَرَّفْتَنَا فَعَرَفْنَا .. أَغَيْرُكَ هَاهُنَا رَبٌّ فَيُرْجَى ؟! جَوَادٌ فَيُسْأَلَ مِنْهُ الْعَطَا ؟! قَدْ جَفَانِيَ الْقَرِيبُ وَمَلَّنِي الطَّبِيبُ وَشَمِتَ بِيَ الْعَدُوُّ والرَّقِيبُ واشْتَدَّ بِيَ الْكَرْبُ والنَّحِيبُ ، وَأَنْتَ الْوَدُودُ الْقَرِيبُ الرَّؤُوفُ الْمَجِيدُ .

رَبِّ إلَى مَنْ أَشْتَكِي وَأَنْتَ الْعَلِيمُ الْقَادِرُ ؟! أَمْ بِمَنْ أَسْتَنْصِرُ وَأَنْتَ الْوَلِيُّ النّاصِرُ ؟! أَمْ بِمَنْ أَسْتَغِيثُ وَأَنْتَ الْقَوِيُّ الْقَاهِرُ ؟! أَمْ إلَى مَنْ أَلْتَجِئُ وَأَنْتَ الْكَرِيمُ السّاتِرُ ؟! أَمْ مَنْ ذَا الَّذِي يَجْبُرُ كَسْرِي وَأَنْتَ لِلْقُلُوبِ جابِرٌ ؟! أَمْ مَنْ ذَا الَّذِي يَغْفِرُ عَظِيمَ ذَنْبِي وَأَنْتَ الرَّحِيمُ الْغَافِرُ ؟! يَا عالِمُ بِمَا فِي السَّرَائِرِ .. يَا مَنْ هُوَ فَوْقَ عِبَادِه قاهِرٌ .. يَا مَنْ هُوَ الْأَوَّلُ والآخِرُ والْبَاطِنُ والظّاهِرُ .

رَبِّ دُلَّ حَيْرَةَ هَذَا الْعَبْدِ الْمُكَابِرِ ، وَجُدْ بِاللُّطْفِ والْهِدَايَةِ والتَّوْفِيقِ والْعِنَايَةِ عَلَى عَبْدٍ لَيْسَ لَهُ مِنْكَ بُدٌّ وَهُوَ إلَيْكَ صائِرٌ .. يَا إلَهَ الْعِبَادِ يَا كَرِيمُ يَا جَوَادُ يَا صاحِبَ الْجُودِ ، وَيَا مُمْرِضِي وَأَنْتَ طَبِيبِي ، وَيَا مُسْقِمِي وَأَنْتَ حَبِيبِي .. فَلِمَنْ أَشْتَكِي وَأَنْتَ عَلِيمٌ يَا إلَهِي بِعِلَّتِي ؟! والَّذِي بِي حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لاَ أَشْتَكِيَ إلاَّ إلَيْكَ ، وَلاَ عَزْمَ لِي أَنْ أَتَوَكَّلَ إلاَّ عَلَيْكَ .. يَا مَنْ بِسُلْطَانِ قَهْرِهِ وَعَظِيمِ رَحْمَتِهِ يَسْتَغِيثُ الْمُضْطَرُّونَ .. يَا مَنْ لِوُسْعِ عَطَائِهِ وَجَمِيلِ فَضْلِهِ وَنَعْمَائِهِ تُبْسَطُ الأَيْدِي وَيَسْأَلُ السّائِلُونَ .. رَبِّ فاجْعَلْنِي مِمَّنْ يَتَوكَّلُ عَلَيْكَ ، وَآمِنْ خَوْفِي إذَا وَصَلْتُ إلَيْكَ ، وَلاَ تُخَيِّبْ رَجَائِي إذَا صِرْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ ، واجْعَلْنِي مِمَّنْ تَسُوقُهُ الضَّرُورَاتُ إلَيْكَ ، وَأَعْطِنِي مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ ، وَجُدْ عَلَيَّ بِرِفْدِكَ الْعَمِيمِ ، واجْعَلْنِي بِكَ وَمِنْكَ وَإلَيْكَ ، واجْعَلْنِي دائِماً بَيْنَ يَدَيْكَ .

وارْحَمْ بِجُودِكَ عَبْداً مَا لَهُ سَبَبٌ * يَرْجُو سِوَاك وَلاَ عِلْمٌ وَلاَ عَمَلُ

يَا مَنْ بِهِ ثِقَتِي يَا مَنْ بِهِ فَرَجِي * يَا مَنْ عَلَيْهِ ذَوُو الْفَاقَاتِ يَتَّكِلُوا

أَدْرِكْ بَقِيَّةَ مَنْ ذابَتْ حُشَاشَتُهُ * قَبْلَ الْفَوَاتِ فَقَدْ ضاقَتْ بِهِ الْحِيَلُ

يَا مُفَرِّجَ الْكُرُبَاتِ .. يَا مُجَلِّي الْمُهِمّاتِ والْمُلِمّاتِ الْعَظِيمَاتِ .. يَا مُجِيبَ الدَّعَوَاتِ يَا غافِرَ الزَّلاّتِ. يَا ساتِرَ الْعَوْرَاتِ يَا رَفِيعَ الدَّرَجَاتِ يَا رَبَّ الْأَرَاضِينَ والسَّمَاوَاتِ .. رَبِّ ارْحَمْ مَنْ ضاقَتْ بِهِ الْحِيَلُ وَتَشَابَهَتْ لَدَيْهِ السُّبُلُ وَلَمْ يَجِدْ لِقَلْبِهِ قَرَاراً لاَ عِلْمَ وَلاَ عَمَلَ .. يَا مَنْ عَلَيْهِ الْمُتَّكَلُ .. يَا مَنْ إذَا شاءَ فَعَلَ .. يَا مَنْ لاَ يُبْرِمُهُ سُؤَالُ مَنْ سَأَلَ .. رَبِّ فَأَجِبْ دُعَائِي واسْمَعْ نِدَائِي وَلاَ تُخَيِّبْ رَجَائِي ، وَعَجِّلْ شِفَاءَ دائِي وَعَافِنِي بِجُودِكَ وَرَحْمَتِكَ مِنْ عَظِيمِ بَلاَئِي يَا رَبِّ يَا مَوْلاَيَ  .

رَبِّ إنِّي قَلَّ اصْطِبَارِي وَطَالَ انْتِظَارِي واشْتَدَّتْ بِي فاقَتِي واضْطِرَارِي وَعَظُمَتْ عَلَيَّ هُمُومِي وَأَوْزَارِي وَأَحْزَانِي وَأَكْدَارِي وَتَطَاوَلَ عَلَيَّ سَوَادُ لَيْلْيِ وَبَعُدَ عَنِّي طُلُوعُ بَيَاضُ نَهَارِي ، وَأَنْتَ الْقَادِرُ عَلَى دَفْعِ إعْصَارِي وَذَهَابِ آصَارِي وَتَفْرِيجِ كَرْبِي وَإصْلاَحِ قَلْبِي وَإطْهَارِ لُبِّي .. رَبِّ إنِّي قَدْ لاَحَ لِي بارِقَةٌ مِنْ سَحَائِبِ رَحْمَتِكَ فَوَقَفْتُ عَلَى بابِ حَضْرَتِكَ أَنْتَظِرُ عَوَاطِفَ جُودِكَ وَلَطَائِفَ رَحْمَتِكَ ، وَتَعَلَّقَتْ أَطْمَاعِي بِعَوَائِدِ إحْسَانِكَ وَصَنَائِعِ فَضْلِكَ ، وانْبَسَطَتْ آمَالِي فِي واسِعَ كَرَمِكَ وَوَعْدِ رُبُوبِيَّتِكَ ؛ فَلاَ تَرُدَّنِي بِكَرَّةِ الْخَائِبِ الْخَاسِرِ ، وَلاَ تُرْجِعْنِي بِحَسْرَةِ النّادِمِ حُجِبَ عَنِ الْوُصُولِ وَبَقِيَ بَيْنَ الرَّدِّ والْقَبُولِ مُتَرَدِّداً حائِراً … يَا مَنْ هُوَ عَلَى مَا يَشَاءُ قادِرٌ يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ يَا ناصِرُ .. رَبِّ خُذْ بِيَدِي وارْحَمْ قِلَّةَ صَبْرِي وَضَعْفَ جَلَدِي .. رَبِّ إنِّي أَشْكُو إلَيْكَ بَثِّي وَحُزْنِي وَكَمَدِي .. يَا مَنْ هُوَ غَوْثِي وَمَلْجَئِي وَمَوْلاَيَ وَسَنَدِي .

رَبِّ فَأَطْلِقْنِي مِنْ سِجْنِ الْحِجَابِ ، وَمُنَّ عَلَيَّ بِمَا مَنَنْتَ بِهِ عَلَى الْأَوْلِيَاءِ والْأَحْبَابِ ، وَطَهِّرْ قَلْبِي مِنَ الشِّرْكِ والشَّكِّ والاِرْتِيَابِ ، وَثَبِّتْنِي أَبَداً قائِماً فِي الْحَيَاةِ وَعِنْدَ الْمَمَاتِ عَلَى السُّنَّةِ والْكِتَابِ ، وَفَهِّمْنِي وَعَلِّمْنِي وَذَكِّرْنِي وَوَفِّقْنِي ، واجْعَلْنِي مِنْ أُولِي الْفَهْمِ فِي الْخِطَابِ ، وَكُنْ لِي بِلُطْفِكَ وَرَحْمَتِكَ وَحَنَانِكَ وَرَأْفَتِكَ فِي مَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِي وَعِنْدَ حُضُورِ أَجَلِي وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ لِلْحِسَابِ ، وَآمِنْ خَوْفِي ، واجْعَلْنِي مِنَ الطَّيِّبِينَ الطّاهِريِنَ ، وَمِمَّنْ يُتَلَقَّى بِسَلاَمٍ إذَا فُتِحَتِ الْأَبْوَابُ .

رَبِّ أَنْتَ الَّذِي بِقُدْرَتِكَ خَلَقْتَنِي ، وَبِرَحْمَتِكَ هَدَيْتَنِي ، وَبِنِعْمَتِكَ رَبَّيْتَنِي ، وَبِلُطْفِكَ غَذَّيْتَنِي ، وَبِجَمِيلِ سَتْرِكَ سَتَرْتَنِي ، وَفِي أَحْسَنِ صُورَةٍ مَا شِئْتَ رَكَّبْتَنِي ، وَفِي عَوَالِمِ إبْدَاعِكَ أَبْدْأْتَنِي ، وَفِي خَيْرِ أُمَّةٍ أَخْرَجْتَنِي ، وَسَبِيلَ النَّجْدَيْنِ أَلْهَمْتَنِي ؛ فَأَتْمِمْ عَلَيَّ نِعْمَتَكَ الَّتِي لاَ تُحْصَى ، وكَمِّلْ لَدَيَّ أَيَادِيَكَ الَّتِي لاَ تُنْسَى ، واجْعَلْنِي مِمَّنْ هَدَى واهْتَدَى وَسَمِعَ وَوَعَى وَقَرَّبَ وَأَدْنَى ، وَمِمَّنْ سَبَقَتْ لَهُ مِنْكَ الْحُسْنَى ، وَمِمَّنْ نالَ أَفْضَلَ مَا يُتَمَنَّى ، واجْعَلْنِي مِنْ أَهْلِ الْقُرْبِ واللِّقَا والرُّتْبَةِ الْعُلْيَا فِي دارِ الْبَقَا ، وَلاَ تَجْعَلْنِي مِمَّنْ ضَلَّ وَغَوَى ، وَلاَ مِمَّنْ قُسِمَ لَهُ نَصِيبٌ مِنَ الشَّقَا ، وَلاَ مِمَّنِ اشْتَغَلَ بِمَا يَفْنَى ، وَلاَ مِمَّنْ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً .. رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً ، وَقَدْ عَلِمْتَ مَا كانَ وَمَا يَكُونُ مِنَّا ، وَتَقَدَّسَ عِلْمُكَ الْأَعْلَى ، وَجَرَى الْقَلَمُ بِمَا شِئْتَ مِنَ الْقَضَاءِ ؛ فَلَيْسَ لَنَا إلاَّ مَا إلَيْهِ وَفَّقْتَنَا ، وَلاَ مَفَرَّ لَنَا إلاَّ عَمَّا بِهِ رَدَدْتَنَا ؛ فَتَدَارَكْنَا بِفَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ ، وَحُفَّنَا بِعَفْوِكَ وَمَغْفِرَتِكَ .. رَبِّ فَكَمَا وَسِعْتَ كُلَّ مَا كانَ فِي عِلْمِكَ الْأَعْلَى وَأَحَطْتَ بِمَا كانَ وَمَا يَكُونُ مِنِّي وَبِكُلِّ شَيْءٍ حُكْماً وَعِلْماً فَجُدْ عَلَيَّ فِي كُلِّ ذَلِكَ بِرَحْمَتِكَ الْوَاسِعَةِ الْعُظْمَى ، واغْمِسْنِي فِي بِحَارِ كَرَمِكَ وَعَفْوِكَ وَحِلْمِكَ أَبَداً يَا مَنْ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً  .

إلَهِي طَلَبْتُكَ وَطَلَبْتُ الْخَلْقَ إلَيْكَ ؛ فَأَعِنِّي عَلَى الْوُصُولِ والتَّوْصِيلِ إلَيْكَ ، واجْمَعْنِي واجْمَعْ بِي مَنْ تَشَاءُ عَلَيْكَ .. اللَّهُمَّ إنَّا نَسْألُكَ حُسْنَ الْأَدَبِ عِنْدَ إرْخَاءِ الْحِجَابِ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين .. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلاَمٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين  .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى