الطريقة القادرية

ورد الانفس السبعة الطريقة القادرية

الأنفس السبعة في الطريقة القادرية العلية

اعلم أخي السالك وفقني الله تعالى وإياك: أنَّ الأنفس السبع هي من أهم الأوراد في طريقتنا القادرية العلية، فالله جل وعلا خلق النفس البشرية وجعل فيها طباعاً كثيرة، منها طباع الخير ومنها طباع الشر ومنها طباع بين الخير والشر، قال تعالى ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعَاً بَصِيراً﴾ فالله عندما خلق الإنسان جبل نفسه على أربعة أنواع من الصفات وهي :

صفات الربوبية: مثل الكبرياء، حب المدح، والشكر، والثناء، الجبروت، العظمة وهذه لا تنبغي إلا لله تعالى.

صفات العبودية: مثل الخضوع لله، التذلل لله، التواضع لله، الرحمة، المودة والمحبة، الرحمة، الشفقة.

صفات حيوانية: مثل الأكل، الشرب، النوم، النكاح .

صفات شيطانية: مثل الكذب، التكبر، العجب، الخداع، المكر، الإغواء، حب المخالفة.

والمطلوب من الإنسان أن يتخلى عن صفات الربوبية وعن الصفات الشيطانية وأن لا يكون أكبر همة الصفات الحيوانية وأن يتمسك ويتحلى بصفات العبودية، وبذلك يكون كما أراد الله له أن يكون في قوله تعالى: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا﴿7﴾فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴿8﴾قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا﴿9﴾وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴿10﴾. والناس في تزكية نفوسهم على درجات، كلٌ حسب همته في السير إلى الله ، والتزامه على منهج الله ، وكما ورد في الأثر: أن الله تعالى خلق الإنسان بعقل وشهوة، وخلق الملائكة بعقل دون شهوة، وخلق الحيوان بشهوة دون عقل، فالإنسان إذا غلب عقله على شهوته صار أفضل من الملائكة، وإن غلبت شهوته على عقله صار أدنى من الحيوان، قال تعالى: ﴿إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا﴾. وقد قسم الإمام الجيلاني t النفس إلى سبعة أقسام، وجعل لها منهجاً عظيماً من أجل التزكية، وصنف أورادها وأذكارها وصفاتها وفروعها وهذه الأنفس هي : النفس الأمـارة – النفس اللـوامة – النفس الملهمة – النفس المطمئنة – النفس الراضـية – النفس المرضـية – النفس الكـاملة، ثم جعل لكل نفس اسماً. وهذا جدول نبين من خلاله صفات كل نفس من الأنفس السبع، وبمعنى آخر نبين فيه صفات الإنسان أثناء وقوفه في مرتبة كل نفس من الأنفس السبعة، وكيف يترقى من مقام لمقام وكيف يتخلص من الأخلاق الذميمة والصفات القبيحة بانتقاله من نفس إلى نفس ومن ذكر إلى ذكر وهذه هي صفات الأنفس:

صفات النفس السبعة:

النفس الأمارة: وصفاتها: البخل – الحرص- الأمل- الكِبْر- الشهرة- الحسد- الغفلة.

النفس اللوامة وصفاتها: اللوم- الفكر- القبض- العجب- الاعتراض.

النفس الملهمة وصفاتها: السخاوة- القناعة- العلم- التواضع- التوبة- الصبر- تحمل الأذى.

النفس المطمئنة وصفاتها: الجود- التوكل- الحكم- العبادة- الشكر- الرضا.

النفس الراضية وصفاتها: الزهد- الإخلاص- الورع- الوفاء- ترك مالا يعنيه.

النفس المرضية وصفاتها: حسن الخلق-ترك ما سوى الله-اللطف بالخلق- التقرب إلى الله-التفكر-الرضا .

النفس الكاملة وصفاتها: جميع ما ذكر من الصفات الحسنة السابقة

ومن أجل علاج هذه النفس والتخلص من الصفات الذميمة والتحلي بالصفات الحميدة، فقد وضع الإمام الجيلاني رضي الله تعالى عنه لهذه الأنفس أوراداً وأذكاراً كفيلة بالوصول للمراد، فجعل لكل نفس من الأنفس السبعة اسماً خاصاً به وقد وردت مجموعتان من الأسماء كل واحد في رسالة خاصة بها، وهي أسماء أصول وأسماء فروع وسنبين كل مجموعة في جدول كما هو الآتي:

أسماء الانفس السبعة الأصول وعددها :

النفس الأمارة: واسمها لا إله إلا الله: وعدده (100000) مرة.

النفس اللوامة: واسمها الله وعده: (78084) مرة.

النفس الملهمة: واسمها يا هو وعده: (44600) مرة.

النفس المطمئنة: واسمها يا حي وعده: (20092) مرة.

النفس الراضية : واسمها يا واحد وعده: (93420) مرة.

النفس المرضية: واسمها يا عزيز وعده: (74644) مرة.

النفس الكاملة: واسمها يا ودود وعده: (10100) مرة.

وهذه الأسماء السبعة الأصول وردت برسالة خاصة للشيخ عبد القادر الجيلاني تختلف عن الرسالة الأخرى حيث تتفق مع المجموعة الثانية المعروفة بالأسماء الفروع ، بالأسماء الأربعة الأولى وتختلف في الثلاثة الأخيرة، ولكن المشتهر عند القادرية العمل بالأسماء الفروع على ما سنبينه لاحقاً.

وكذلك ورد اختلاف في الأسماء بالمجموعتين من حيث الأعداد الخاصة بكل اسم، ولكن هذه الأسماء لم يشتهر العمل بها عند السادة القادرية، مع أنه ورد كيفية العمل بها في كتاب الأوراد القادرية وكتاب الفيوضات الربانية، وإن شاء الله تعالى سنتوسع ببيان هذه الأسماء وكل ما يتعلق بها في كتابنا الدرر الجلية في أصول الطريقة القادرية العلية فمن أراد التوسع فليرجع إليه وسيجد فيه ما يثلج الصدر.

أسماء الانفس السبعة الفروع وعددها :

النفس الأمارة: واسمها لا إله إلا الله: وعدده (70000) مرة.

النفس اللوامة: واسمها الله : وعدده (60000) مرة.

النفس الملهمة: واسمها يا هو: وعدده (50000) مرة.

النفس المطمئنة: واسمها يا حق: وعدده (40000) مرة.

النفس الراضية : واسمها يا حي: وعدده (30000) مرة.

النفس المرضية: واسمها يا قيوم: وعدده (20000) مرة.

النفس الكاملة: واسمها يا قهار: وعدده (10000) مرة.

وهذه الأسماء السبعة هي الفروع وردت برسالة خاصة للشيخ كما بينا، وهذه الأسماء هي الأسماء التي اشتهر العمل بها عند فروع السادة القادرية في مشارق الأرض ومغاربها، ومنهم من دمج الأسماء الأصول والفروع، لكي يتحصل المريد على الفائدة الكاملة كما ورد عن الشيخ عبد القادر الجيلاني قدس سره، ومنهم شيخنا عبيد الله القادري حيث جعل ختمات الأنفس في دائرته تشمل كل الأسماء كما سياتي بيانها في آخر هذا البحث إن شاء الله تعالى لمن أراد العمل بها.

معاني الأسماء السبعة الفروع

لا إله إلا الله: لا معبود ولا مقصود بحق إلا الله.

اللـــه: هو الاسم الأعظم الموجود بذاته الغني عن سواه.

هـــــو: لا إله إلا هو أي لا إله غيره.

الحـق: الثابت المطابق للواقع.

الحـي: من قامت به الحياة.

القـيوم: القائم بإمرة السماوات والأرض ومن فيهما.

القهار: صاحب القهر العظيم الذي يقهر عباده بالموت.

كيفية العمل بأسماء الأنفس السبع

أخي السالك إن العمل بالأسماء السبعة هو من أساسيات الطريقة القادرية التي يرتكز عليها صلاح المريدين بل ولا بد لكل سالك أن يعمل بها حتى يترقى في مراتب الطريقة القادرية العلية والعمل بها في القرون الماضية كان من أهم الأوراد عند المشايخ لكن بالآونة الأخيرة تركها الكثير منهم ولم يبقى لها وجود إلا عند القليل من رجال الطريقة القادرية فلذلك بدأنا نرى نقصاً في الأحوال ، تركاً للسنن والآداب ، البعد عن الأصول والتمسك بالفروع وما ذاك إلا نتيجة لأمراض النفوس وشهواتها وخواطرها، لذا لا بد من الرجوع إلى أصول الطريقة وإن من أهم أصولها العمل بأسماء الأنفس السبعة وكيفية العمل بها كما أخذناه عن شيخنا:

· العمل الأساسي المطلوب من المريد هو الاشتغال بالأسماء السبعة بأعدادها التي بيناها في الجدول السابق.

· يستحسن كما أخذناه عن سـيدي الشيخ عبيد الله القادري أن يكمل كل الأسماء إلى مائة ألف فذلك أفضل للمريد وزيادة في العون على نفسه والشيطان .

· أفضل شيء للاشتغال بأسماء الأنفس السبعة هو الاعتكاف والخلوة حتى ينتهي منها كاملة وهذا أفضل بكثير من العمل بها خارج الخلوة ،لأنه في الخلوة ينقطع عن كل الشوائب والأكدار التي تعكر صفاء الروح فثمرة الأسماء في الخلوة أفضل من خارجها.

· بالنسبة للأسماء الأصول يتم العمل بها بعد الانتهاء من أسماء الطريقة القادرية بقدر الاستطاعة ويفضل أن يتفرغ السالك ويدخل خلوة للانتهاء منها.

· قد يستصعب البعض هذه الأوراد والأذكار لكثرتها وليس المطلوب الخلاص منها بيوم أو يومين بل تعمل بقدر استطاعتك ولكن ينبغي على المريد أن يحرص على الانتهاء منها خلال ستة أشهر.

· يجوز للمريد أن يعمل بهذه الأذكار في كل الأحوال جالساً وقائماً وماشياً ولكن من الأفضل ويستحب أن يتم العمل بها في حالة الجلوس باستقبال القبلة مع صفاء الذهن.

· بعد الانتهاء من كل أسم تصلي ركعتين ثم تقول بعدهما : اللهم إني أشتري منك نفسي(الأمارة ) بمئة ألف (لا إله إلا الله ) وبعد أن تنتهي من كل اسم تصلي ركعتين وهكذا في كل مرة تسمي النفس والاسم

· أثناء العمل بهذه الأسماء من المحتمل أن يرى المريد بعض الرؤى والمنامات وكل نفس لها مرائي خاصة بها وكل رؤيا لها تأويل ومعنى وقال بعض المشايخ لا يجوز أن تنتقل من نفس إلى أخرى حتى تأتيك إشارة وهذه الإشارات هي الرؤى التي سنتكلم عنها إن شاء الله تعالى.

الرؤى والعلامات التي ترى أثناء العمل بالأسماء السبعة

أخي السالك عندما يبدأ العمل والاشتغال بهذه الأسماء السبعة وفروعها يبدأ حالك بالتغيَّر والتبدُّل فتتخلص من الأخلاق والصفات الذميمة وتكتسب الأخلاق والصفات الحميدة وتبدأ روحك بالصفاء والنقاء والارتقاء إلى الله وخلال الاشتغال بهذه الأسماء السبعة تُعرض عليك بعض الرؤى والعلامات فمنها ما هو حسنٌ ومنها ما هو قبيحٌ لأنك تكون في مرحلة التلوين متوجهاً نحو مرحلة التمكين . لذلك أردت أن أبين لك هذه الرؤى و العلامات والرؤى وأبين لك معناها حتى تكون على بينة ونور من أمرك وإليك هذه العلامات وهي:

علامات النفس الأمارة

يرى صاحب هذه النفس في منامه غالباً صفات الكفر والعناد مثل الخنزير وهو صفة الحرام ، ويرى الكلب وهو صفة الغضب، ويرى الفيل وهو صفة العجب، ويرى العقرب وهي صفة العذاب، ويرى الحية وهي صفة لسان النفاق، ويرى الفارة أفعال عن الخلق مستورة وللحق معلومة، ويرى البراغيث والقمل ارتكاب للمكروهات، ويرى الحمار فعل ما لا ينفع ، ويرى المزابل: الميل إلى الدنيا، ويرى الخمر و الحشيش والمخدرات فعل الحرام، ويرى الخبائث التفكر بالحرام، ويرى الماء الراكد الكدر والماء الجاري الكدر والنجاسات التعلق بالفعل الفاسد .

علامات النفس اللوامة

يرى صاحب هذه النفس في منامه: الغنم وهي الحلال، ويرى البقر وهي دلالة على نفع الناس، ويرى الجمل وهو دلالة تحمل الأذى من الناس، ويرى السمك وهو كسب الحلال، و يرى الإوز والحمام والدجاج وأشكالها من الطيور وكلها تدل على الحلال، ويرى نحل العسل وهو يدل على الأخلاق الحميدة، ويرى الأطعمة المطبوخة إشارة لطبيعة نفسه، ويرى الثمار وهي دلالة إصلاح وإخلاص نفسه من الكلام والكدورات، ويرى الدكاكين والبيوت والعمارات وهي دلالة سكن النفس .

علامات النفس الملهمة

يرى صاحب هذه النفس في منامه: النساء وهي دلالة على نقصان عقله، ويرى الكفرة وهي دلالة على نقصان الدين، ويرى الملحدين والضالين وهي دلالة على نقصان المذهب، ويرى مقصوص اللحية أو حالقها وهي دلالة على نقص في تطبيق الشرع، ويرى الأعرج وهو دلالة على أنه يدعو إلى الخير والحق ولا يمتثل إليه ، والأعمى كتمان الشهادة، ويرى الأطرش الأصم وهو دلالة على أنه لا يسمع للشريعة ولا إلى الوعظ، ويرى الأخرس وهو دلالة على عدم التكلم بالحق، ويرى العبد الأسود ومعناه لا يتكلم في عيوب الآخرين في وجوههم ، ويرى الأجرد وهو دلالة على ترك السنة، ويرى السكران وهو دلالة على عشق الخلق، ويرى القماري والمصارع والحكوي وهي دلالة على ترك العبادة والوقوع بالحرام، ويرى السارق وهو دلالة على الرياء، ويرى الدلال وهو دلالة على النظر إلى الحرام والكذب، ويرى القصاب وهو دلالة على قسوة القلب، ويرى الأحول وهو دلالة على الضلال عن الحق.

علامات النفس المطمئنة

يرى صاحب هذه النفس في منامه : القرآن الكريم وهذه صفة صفاء القلب، ويرى الأنبياء والمرسلين وهذه صفة قوة الإيمان والإسلام، ويرى السلاطين وهذه صفة الانصراف إلى رضا الله، ويرى المفتين والعلماء وهذه صفة الاستقامة وأفكاره مع عبادة الله تعالى، ويرى الخيرات والمشايخ وهذه صفة إرشاد نفسه، ويرى القضاة وهذه صفة الإطاعة لأمر الله تعالى، ويرى الكعبة الشريفة والمدينة المنورة والقدس المبارك وهذه صفة طهارة القلب من الغش والوسواس، ويرى الجوامع والمساجد والعلم وهذه صفة عمارة القلب، ويرى السنجق والسهم والقوس والمنجنيق وهذه صفة الانتصار على الوساوس الشيطانية .

علامات النفس الراضية

يرى صاحب هذه النفس في منامه: الملائكة والحور العين وهي دلالة على كمال العقل ،ويرى الوِلْدَانَ والجنة والبراق والحُلل وهذه دلالة على التقرب إلى الله وزيادة في العقل والدين.

علامات النفس المرضية

يرى صاحب هذه النفس في منامه: السماوات وهي دلالة على تعلق نظره بالله تعالى ، ويرى النجم وهو دلالة على نور نفسه، ويرى النار وهي دلالة على الفناء في المحبة، ويرى الرعد وهو دلالة على التنبيه من الغفلة، ويرى الشمس وهي دلالة على أنوار الروح، ويرى القمر وهو دلالة على نور القلب المريد الكامل.

علامات النفس الكاملة

يرى صاحب هذه النفس في منامه: المطر والثلج والبرد والنهر والعين والبئر والبحر وهذه هي مصادر الماء الطاهر المطهر وهي دلالة على تزكية النفس وتطهيرها والوصول إلى السلوك الكامل.

وفي الختام: اعلم أخي السالك أن العمل بهذه الأسماء هو من أعظم الأوراد في الطريقة القادرية ولكن يفضل أن يشتغل بها السالك تحت إشراف شيخ مرشد كامل فذلك أنفع له وليس معنى هذا أن يتركها الإنسان إن لم يجد مرشداً صالحاً بل يعمل بها في كل حال وليس في ذلك من حرج أبداً لكن الذي تعلمناه من مشايخنا أن الأوراد عندما تؤخذ بإذن وبإجازة تكون نتيجتها أفضل، فاعمل بها رحمك الله تعالى تهد إلى الخير وتوفق لما فيه صلاحك في الدنيا وفوزك بالآخرة.

نقلاً عن كتاب

الكنوز النوارنية من أدعية واوراد السادة القادرية

للشيخ مخلف العلي الحذيفي القادري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى